رانيا زرينح خبيرة التعليم والتوجيه النفسي

رانيا زرينح، أستاذة اللغة الفرنسية حاصلة على الإجازة في الدراسات الفرنسية من كلية عين الشق بالدار البيضاء، وماجستير مهني في علم النفس من جامعة سليمان التركيةو على شواهد اخرى .أتمتع بخبرة في التعليم والتوجيه النفسي، وطالبة باحثة في علم النفس التربوي. أنا عضوة في الأكاديمية الدولية للتدريب والاستشارات النفسية والأسريّة، وأركز في عملي على مساعدة الأطفال والطلاب في التغلب على التحديات التعليمية والنفسية. أسعى لتقديم بيئة تعليمية داعمة وتعزيز التعاون بين المعلمين والأسر والمختصين لدعم الأطفال ذوي الاحتياجات.
1) ما هي اضطرابات التعلم عند الأطفال؟
* للاجابة على هذا السؤال، يجب توضيح الفرق الجوهري بين التأخر الدراسي واضطرابات التعلم، على الرغم من أن كليهما يرتبط بصعوبات أكاديمية يواجهها الأطفال.
التأخر الدراسي: يشير إلى تأخر الطفل في اكتساب المهارات الأكاديمية الأساسية مقارنة بأقرانه من نفس العمر. قد يكون هذا التأخر ناجمًا عن عوامل متعددة، مثل نقص التحفيز، أو بيئة تعليمية غير داعمة، أو قلة الفرص التعليمية.
اضطرابات التعلم: هي صعوبات تعلمية ناتجة عن خلل عصبي يؤثر على قدرة الدماغ على معالجة المعلومات بشكل طبيعي. يعاني الأطفال المصابون باضطرابات التعلم من صعوبات في الفهم والإدراك، مما يؤثر على أدائهم الأكاديمي بشكل ملحوظ. وهي نوعان :
الصعوبات النمائية: هي اضطرابات تؤثر على نمو الطفل في مجالات متعددة مثل اللغة، الحركة، التفاعل الاجتماعي، والمهارات الحياتية، مما يجعله يواجه صعوبة في اكتساب المهارات الأساسية في الوقت المناسب. يمكن ملا حضتها في المستوى ما قبل الدراسة و قد تشمل صعوبات الانتباه وفرط النشاط، والتأخر في النمو الحركي ،. صعوبات التفكير و الإدراك والذاكرة، صعوبات الكلام و النطق فهذه الصعوبات النمائية غالبًا ما تؤدي الى الصعوبات الأكاديمية في فترة الدراسة . على سبيل المثال، الطفل الذي يعاني من صعوبات في اللغة قد يواجه صعوبة في فهم النصوص وفهم التعليمات في المدرسة. وبالمثل، فإن الطفل الذي يعاني من ضعف في المهارات الحركية قد يجد صعوبة في الكتابة بشكل صحيح. مما ينتج عن ذالك كمثال عسر القراء و عسر الكتابة و عسر الحساب .
2) أسباب اضطرابات التعلم:
* الأسباب الدقيقة لاضطرابات التعلم ليست معروفة بشكل كامل حتى الآن، ولكن هناك العديد من العوامل التي قد تساهم في ظهورها، بما في ذلك:
عوامل وراثية:
الجينات: تشير العديد من الدراسات إلى أن الجينات تلعب دورًا هامًا في زيادة خطر الإصابة باضطرابات التعلم.
التاريخ العائلي: وجود تاريخ عائلي للإصابة باضطرابات التعلم يزيد من احتمال إصابة الطفل بها.
* عوامل بيئية:
التعرض للمواد السامة: التعرض لبعض المواد الكيميائية أو المعادن الثقيلة خلال فترة الحمل أو الطفولة المبكرة قد يزيد من خطر الإصابة باضطرابات التعلم.
المضاعفات أثناء الولادة: الولادة المبكرة أو الصعبة أو نقص الأكسجين أثناء الولادة قد تؤثر على تطور الدماغ.
التغذية: نقص بعض العناصر الغذائية الأساسية، مثل الحديد واليود، قد يؤثر على وظائف الدماغ.
.* عوامل عصبية:
خلل في بنية الدماغ: قد يكون هناك اختلافات في حجم أو شكل مناطق معينة من الدماغ لدى الأشخاص المصابين باضطرابات التعلم.
خلل في وظائف الدماغ: قد يكون هناك خلل في كيفية توصيل الخلايا العصبية ببعضها البعض أو في كيفية معالجتها للمعلومات.
* عوامل أخرى:
اضطرابات طبية أخرى: بعض الاضطرابات الطبية، مثل الصرع أو التوحد، قد تكون مصحوبة باضطرابات تعلم.
العوامل النفسية والاجتماعية: قد تؤثر عوامل مثل الاكتئاب، القلق، أو صعوبات التكيف الاجتماعي على أداء الطفل الأكاديمي.
ملاحظة هامة: غالبًا ما تتفاعل هذه العوامل معًا لتسبب اضطرابات التعلم، وليس هناك سبب واحد يمكن أن يفسر جميع الحالات.
3) العلامات المبكرة لاضطرابات التعلم:
كما ذكرنا سابقًا، هناك مرحلة حرجة في حياة الطفل هي مرحلة ما قبل الدراسة، وخاصة مرحلة الروض، حيث يمكن ملاحظة أولى علامات الصعوبات التعلمية. غالبًا ما تكون المربيات هن أول من يلاحظ هذ
* العلامات، والتي قد تشمل:
تشتت الانتباه: صعوبة في التركيز على نشاط واحد لفترة طويلة.
تأخر في النطق: صعوبة في نطق الكلمات أو بناء جمل متكاملة.
فرط النشاط: حركة مستمرة وصعوبة في الجلوس ساكناً.
صعوبات أخرى: قد تشمل صعوبة في فهم الأوامر، أو تكوين الصداقات، أو التكيف مع البيئة المدرسية.
هذه العلامات قد تكون مؤشرًا على وجود صعوبات تعلم أعمق، مثل عسر القراءة أو صعوبات في الحساب. لذلك، من المهم أن يتم تقييم الطفل من قبل متخصص إذا لوحظت هذه العلامات بشكل متكرر."
4) كيفية التعامل مع اضطرابات التعلم:
التعامل مع اضطرابات التعلم يتطلب نهجًا شاملاً وشخصيًا، يأخذ في الاعتبار نوع الاضطراب وشدته واحتياجات الطفل الفردية. الخطوة الأولى والأهم هي التشخيص المبكر والدقيق، والذي يتم إجراؤه من قبل متخصصين مثل أخصائيي علم النفس التربوي وأطباء الأعصاب.
بعد التشخيص، يمكن البدء في تقديم التدخلات العلاجية والتعليمية المناسبة، والتي قد تشمل:
العلاج النطقي: يساعد الأطفال الذين يعانون من صعوبات في النطق والقراءة على تحسين مهاراتهم اللغوية.
العلاج الوظيفي: يعزز تطوير المهارات الحركية الدقيقة والخشنة، مما يساعد الطفل على أداء المهام اليومية بشكل أفضل.
العلاج السلوكي: يستخدم تقنيات سلوكية لتعديل السلوكيات غير المرغوب فيها وتشجيع السلوكيات الإيجابية، مثل التركيز والانتباه.
التعليم الفردي: يوفر تعليمًا مخصصًا يتناسب مع احتياجات الطفل وقدراته، مما يساعده على تحقيق أقصى استفادة من عملية التعلم.
استخدام التكنولوجيا: توفر التكنولوجيا الحديثة العديد من الأدوات والبرامج التي يمكن أن تساعد الأطفال على تطوير مهاراتهم بشكل ممتع وتفاعلي، مثل تطبيقات القراءة والتدريبات التفاعلية.
5) هل للأسرة دور في دعم الأطفال ذوي اضطرابات التعلم ؟
* بالتأكيد،لأسرة دور كبير وأساسي في دعم الأطفال ذوي اضطرابات التعلم. إذ يمكن أن يكون لهذا الدعم تأثير إيجابي عميق على تقدم الطفل في مسيرته التعليمية، حيث توفر بيئة الأسرة له الراحة والاطمئنان، مما يعزز ثقته بنفسه ويساعده على مواجهة التحديات الأكاديمية والاجتماعية. ومن المهم أن تدرك الأسرة أن الاستمرارية والإصرار هما عاملان حاسمان في تقليل حدة الاضطراب. فلا تكفي حصة تدريبية واحدة أو اثنتان، بل ينبغي أن يكون هناك متابعة وممارسة مستمرة طوال العام، لأن هذا النوع من الاستمرارية يساهم في تحقيق نتائج ملموسة.
6) كيف يمكن للمعلمين دعم الأطفال ذوي اضطرابات التعلم؟
* دور المعلمين في دعم الأطفال ذوي اضطرابات التعلم هو دور أساسي. يمكنهم تقديم تعليم مخصص يتناسب مع احتياجات كل طفل، مثل تقسيم المهام إلى خطوات صغيرة واستخدام أساليب متنوعة مثل التعليم البصري أو السمعي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمعلمين الاستفادة من التكنولوجيا المساعدة مثل برامج القراءة أو الكتابة الصوتية، مما يسهم في تسهيل عملية التعلم. من المهم أيضًا أن يعزز المعلم من ثقة الطالب بنفسه من خلال التشجيع والتحفيز المستمر، وأن يكون مرنًا في طرق التقييم بما يتناسب مع قدرات الطالب. وأخيرًا، التعاون مع الأسرة بشكل مستمر يساعد في توفير دعم متكامل للطفل.
7) النصائح الأساسية لأولياء الأمور في مساعدة الأطفال ذوي اضطرابات التعلم.
* أولًا، يجب على الآباء أن يكونوا صبورين ومتفهمين لاحتياجات طفلهم الخاصة، وأن يعملوا على توفير بيئة منزلية هادئة ومنظمة تساعد الطفل على التركيز. من المهم أيضًا أن يتواصلوا بشكل مستمر مع المعلمين لضمان متابعة تقدم طفلهم.
* ثانيًا، ينصح بزيارة اختصاصي نفسي تربوي لمساعدة الطفل في ممارسة التمارين والأنشطة التي تعزز مهاراته الأكاديمية والاجتماعية بشكل مستمر.
* وأخيرًا، يجب تشجيع الطفل على التعبير عن مشاعره ومخاوفه، لأن ذلك يسهم في تعزيز ثقته بنفسه. كما يجب توفير وقت كافٍ للراحة والنوم.
ولا ننسى أهمية التقدير والقبول، فالتعامل مع الطفل ذوي اضطرابات التعلم يتطلب صبرًا كبيرًا وتفهّمًا لظروفه الخاصة من المهم أن نتجنب مقارنة الطفل مع الآخرين، لأن كل طفل له قدراته وتطوره الخاص. هذه المقارنة قد تؤثر سلبًا على ثقته بنفسه وتقديره لذاته
8) كلمة أخيرة
أتقدم بخالص الشكر لموقع لكل الأسرة" على تسليط الضوء على هذا الموضوع المهم. أطفالنا هم مستقبلنا، وكل طفل يستحق الفرصة لتحقيق كامل إمكاناته. بصفتنا آباء، معلمين، ومجتمع، يتوجب علينا توفير بيئة تعليمية شاملة تدعم احتياجاتهم الفردية وتشجعهم على النمو والتطور.من خلال الصبر، التقبل، والتوجيه المستمر، يمكننا مساعدتهم في التغلب على تحدياتهم وتحقيق النجاح.